عالي الهمة يسود ولا يحكم في البلدية البرلمانية بابن جرير !!!


عبد الكريم التابي
الأحد 16 يناير 2011



عالي الهمة يسود:
بعد انتخابه رئيسا لمجلس بلدية ابن جرير ، ألقى السيد عالي الهمة بكل اختصاصاته بين أيدي نوابه ، واختفى عن كل التفاصيل اليومية لسير أعمال بلديته وكأنه تخلص من عبء اضطر لحمله وهو الذي كان لا يرغب في ترشيح نفسه ،لولا إدراكه في آخر لحظة لما سيؤول إليه مصير لائحته التي كانت تحظى بكثير من التحفظ من لدن جمهور كثير من الناس .

ولم يكتف السيد الهمة بترك البلدية ومن فيها ، بل جعل له مسافة مع المناوشات والصراعات التي بدأت تسري في مفاصل بعض أعضاء مجلسه .وكانت انتظارات هذا البعض تعول بين الحين والآخر على تدخل جراحي مستعجل لاستئصال مسببات تلك الصراعات ، إلا أن شيئا من هذا لم يحدث ، ولم يتح لهم السيد الهمة ولو فرصة واحدة للقائهم من أجل حسم الموقف لهذا الطرف أو ذاك بما يسمح بردم الهوة التي ما فتئت تتسع بين بعض الأعضاء الذين يتقاسمون العيش في بيت الأغلبية ، ويتقاسمون امتطاء نفس مقصورة السيد الفاضل الجرار ، ويدينون بنفس الولاء التام للسيد عالي الهمة ، لا تفرق بينهم سوى تفاصيل يمكن اعتبارها بالحساب الكبير في السياسة جزئية ما دامت لا تمس كل المظهر ولا تحاذي الجوهر . وعلى الرغم من الغياب الدائم والمستمر للسيد الهمة ، وعلى الرغم من حالة الاستياء التي تراود أنصاره بين الوقت والآخر ، وعلى الرغم من الشعور الضمني بخيبة الأمل في ما كان جمهور العاطفين والأتباع ينتظرونه في الوجود والتواجد اليومي لرئيسهم وملهمهم ، فالسيد عالي الهمة تستوطن أنفاسه زوايا وأركان الإدارات والمصالح الخارجية ، وعطساته في الرباط يرتد رجع صداها في الاجتماعات المغلقة والمفتوحة ، وسلطانه يعشش في خلايا مريديه ، وطيفه أحلام جميلة تتراءى لهم في الغدو والرواح كما في الغفوة واليقظة . هو الماضي والمضارع والأمر ، هو الأمر والنهي ، هو الاختصاص والاستغاتة ، هو الطاهر الطهور وغيره الأبالسة والمردة ، هو الفضيل الفاضل ، هو الاجماع وغيره الفتنة ، هو الجامع وغيره الشتات ، هو الاستثناء وغيره القاعدة وهو القاعدة وغيره الاستثناء ،هواللاعب وغيره الجمهور ، له’’ انحناءات الخريف ، له وصايا البرتقال ، له تجاعيد الجبال ، له الهتاف ، له الزفاف’’ ، له العز ، له التقدم ، له المجد ، له الأمل ، له الزاوية ، له السلام ، له الفرح ، له النور ، له افريقيا ، له كاسطور ، له آسيا ، له البور ،له الريادة ، له السيادة.

عالي الهمة لا يحكم :
السيد عالي الهمة لا يحكم لسببين بسيطين : الأول : السيد الهمة غائب كليا .الثاني : السيد الهمة لم يفوض بعض اختصاصاته فقط ،بل فوضها جميعها مما يعني بكل بساطة أنه تنازل عنها ، مما يعني أيضا أنه مس بحق الأغلبية الناخبة التي رفعته إلى درجة المنقذين الأتقياء الصالحين .
ولحدود اليوم تكون سبع دورات من عمر ولاية المجلس قد انعقدت في غير حضور السيد الهمة ، فما عساه يقول حينما يتفحص المادة العاشرة من الميثاق الجماعي التي تقول : يترتب بحكم القانون على انقطاع رئيس الجماعة على مزاولة مهامه لأي سبب من الأسباب وطبقا لأحكام المادة التاسعة ، حل المكتب ، ويستدعى المجلس لانتخاب المكتب الجديد طبقا للكيفيات والأحكام المقررة في المادة السادسة ‘’
وما عسى السيد الهمة وبالقرب منه السيد العيادي العضو الحالي والرئيس السابق أن يقولا حينما يقرآن المادة العشرين من نفس الميثاق الجماعي التي تقول : كل عضو من المجلس الجماعي لم يلب الاستدعاء لحضور ثلاث دورات متتالية دون سبب يقبله المجلس ، يمكن أن يعلن بعد السماح له بتقديم إيضاحات ، عن إقالته بموجب قرار معلل ينشر في الجريدة الرسمية يصدره وزير الداخلية ‘’.
قد يقول قائل : إن السيد عالي الهمة فوض اختصاصاته إلى نوابه لتخفيف العبء عن الرئيس من جهة ، ولتحقيق السرعة في اداء الأعمال مما يسهل على المواطنين قضاء مصالحهم من جهة ثانية ، ولتدريب الأعضاء المرؤوسين على القيام بأعمال وصلاحيات الرئيس الشيء الذي ينمي فيهم الثقة والقدرة على القيادة من جهة ثالثة. إلا أن هذا التفويض يطرح هو الآخر أكثر من سؤال ويثير أكثر من إشكال ، فهو لا يقتصر على جزء من الاختصاص بل يطول الاختصاص كله وهذا مناف للقواعد العامة ، لأن للتفويض شروطا عامة استقر على إيرادها الفقه وأحكام القضاء يجب مراعاتها حتى يكون التفويض صحيحا . ويقول نص الشرط الثاني من تلك القواعد : ‘’ يجب أن يكون التفويض جزئيا ، لأن التفويض الشامل الذي يستغرق اختصاصات الرئيس جميعها غير جائز لأنه بمثابة تنازل عن الاختصاص ، وتخل عن المسؤوليات المنوطة بالرئيس بمقتضى القانون ومس بإرادة الأغلبية التي انتخبته.
وحالة التفويض تستدعي أن يكون المفوض ــ بكسر الواوـ الذي هو السيد عالي الهمة حاضرا وليس غائبا كما هو الحال في حالة الحلول أو الإنابة التي يعمل بها في حالة غياب صاحب الاختصاص الأصيل أيا كان سبب الغياب اختياريا كما في حالة الإجازة ، أو إجباريا كما في حالة المرض . في التفويض أيضا يكون الرئيس مسؤولا عن أخطاء المفوض إليه ،لأن الرئيس يمارس الرقابة الرئاسية على المفوض إليه ، بينما لا يكون الأصيل الغائب مسؤولا عن أخطاء من حل محله لأنه لا يملك أية سلطة رئاسية بالنسبة لتصرفات الأخير ولأن مصدر سلطته القانون وليس الأصيل ، وحيث توجد السلطة توجد المسؤولية .
وفي حالة ابن جرير فإن السيد عالي الهمة باعتباره المفوض الأصيل يبقى مسؤولا عن الأخطاء التي قد يرتكبها المفوض إليه أو إليهم ،بالإضافة طبعا إلى مسؤولية المفوض إليه تطبيقا لمبدإ أن التفويض في السلطة ولا تفويض في المسؤولية .

على من تقع المسؤولية إذن ؟؟؟
إن ما طرحه الأستاذ لعبادي ـ مشكورا ـ في مساهمتيه السابقتين ، لا يعتبر في نظري الشخصي جوهر النقاش الذي ينبغي أن يفتح بكل جرأة من طرف من يعنيهم النقاش ،لأنهما ـ المساهمتين ـ لا تتوغلان في العمق، بل أكثر من ذلك تقران بهذا القدر أوذاك بوجود وسلامة ونقاء وعصمة عنصر ثابت غير قابل للنقاش والمساءلة في مقابل شبهة وتشكيك في الذمة لعنصر متحرك طيع منقاد سهل الجلد بل رأسه رهن إشارة المقصلة كلما دعت الضرورة إلى ذلك .فلا أعتقد أن نقاشا حول اختلاف في التقدير في كيفية تدبير هذا المرفق أو ذاك ، أو في هذه الصلاحية أو تلك ، يصح أن تلتف حول عنقه مئات علامات الاستفهام ونستنفر كل مكونات المجتمع المحلي وسلطات الوصاية لنسوقها لمحراب الإمام الشقيري ليحذرها من مغبة السكوت على الحق ،ويوصمها بالشيطنة الخرساء . من ينبغي أن ينطبق عليه قول الإمام الشقيري هو من يترك النصوص القانونية الصريحة المنظمة للعمل الجماعي والتي إن تم ‘’الجهاد ‘’فيها بلغة الإمام الشقيري ستسقط كثيرا من الدعامات والركائز التي يستند عليها البعض دونما وجه حق .
وللنقاش بقايا

مقالات ذات صلة